مدونة

مقالة حول حكاية الذئب وجدته “الشريرة” ودروس في فن بيع القصة والتسويق الاحترافي

DALL·E 2025-01-13 15.06.59 - A serene and dramatic scene set in a forest with warm, earthy tones. A wise and kind-looking elderly wolf stands in the foreground, wearing a simple s
Uncategorized

مقالة حول حكاية الذئب وجدته “الشريرة” ودروس في فن بيع القصة والتسويق الاحترافي

قصة ليلى وظلم الذئب

في إحدى الغابات القديمة، يروي لنا المؤلف عبد الرحمن زيدان حكايةً مختلفة تمامًا عمَّا اعتدنا قراءته في قصص الذئاب وليلى. هنا يقف الذئب في دور الخير، بينما تظهر ليلى وجدتُها في دور الشَّر، لتقلب الحكاية المألوفة رأسًا على عقب. إنّها قصة الذئب الصغير الذي يلعب أمام حديقة جدّه، الذئب الشجاع وذو السُّمعة الطيبة. تعلَّم هذا الجد أن يعيش بنظامٍ نباتي، وامتلأ قلبُه بالرفق واللطف حتى مع “ليلى الشريرة” التي كانت تُخرِّب الحديقة، وتُدمِّر البساتين.

ورغم محاولاته العديدة في نصحها، لم تستجِب ليلى. وعندما قرّر الذئب الجدّ الذهابَ إلى جدّة ليلى لإخبارها بأفعال حفيدتها، تبيّن أن الجدة نفسها شرّيرةٌ هي الأخرى. هاجمته دون تردُّد، فدافع عن نفسه دفاعًا غريزيًّا وأرداها قتيلةً بمحض الخطأ. وفي محاولةٍ لإنقاذ ليلى من صدمة فقدان جدّتها والتفكير في كيفية استمرار حياتها، لجأ الجدُّ إلى حيلة التنكُّر بملابس الجدة. غير أنّ ليلى الشريرة سرعان ما كشفت الأمر، وأخذت تُشيع الأخبار وتروِّج لأكذوبة أنّ الذئب “أكل جدَّتها”.

عبرة الحكاية بين الرحمة والظلم

  1. صراع الخير والشر قد يأتي في صورٍ غير مألوفة: يَظهر الجدّ الذئب في صورة الخير، بينما تتمثّل ليلى وجدّتها في الشر. لعلَّ هذا يذكّرنا بعدم إصدار الأحكام المسبقة، فالشكل ليس بالضرورة مرآةً للمضمون.
  2. النيّة الطيبة لا تكفي دائمًا: حاول الذئب تكرارًا نصح ليلى، لكنّها لم تستجِب. أحيانًا تكون هناك عقباتٌ تحول دون وصول الرسالة، فالمشكلة ليست دائمًا في المرسل، بل قد تكون في المتلقِّي أو البيئة المحيطة.
  3. الرحمة والحكمة في مواجهة العنف: رغم ما تعرّض له الجدّ من هجوم، لم يشأ قتل الجدة عن سابق إصرار، بل واجه لحظة دفاع عن النفس، مشفوعةً بالقلق على مآل حفيدتها. تدلّ هذه المفارقة على أنَّ لطفه كان مُلازِمًا له حتى في أصعب اللحظات.
  4. تغيير الصور النمطيّة: قد لا يكون الذئب دائمًا هو الشرس المفترس، وقد لا تكون ليلى دائمًا البريئة الضحيّة. سرد القصة بزاوية جديدة يُتيح لنا تفهُّم أبعادٍ أخرى للقيم والمعاني الأخلاقية.

كيف يُمكن للبائع والمسوّق الاحترافي رواية قصة المنتج والعلامة وقيمتها بطريقة مختلفة؟

تعلِّمنا هذه القصة درسًا ثمينًا حول أهميَّة كسر النمط المعتاد في السَّرد. وكذلك في عالم التسويق ورواية قصّة المنتج، يجب الانطلاق من هذا المبدأ. إليك بعض الأساليب والطرق التي يمكن اتباعها:

  1. اصنع انعطافة مفاجئة في الحبكة
    • كما قلب المؤلف عبد الرحمن زيدان الصورة المألوفة للذئب وليلى، يجب على المسوّق أن يخلق نقطة تحوّل في روايته للعلامة التجاريّة. على سبيل المثال: أن تقدِّم قصّة منتجك من زاوية لم يتوقعها الجمهور؛ مواقف شخصية، أو تحدٍّ لم يخطر في بالهم.
  2. أوجد شخصية بطولية غير متوقَّعة
    • في الحكاية، صار الجدّ الذئب رمز الرحمة رغم كونه من فصيلةٍ يشتهر بالشراسة. في منتجاتك أو خدماتك، ابحث عن بُعدٍ فريدٍ يمكنه أن يقلب توقُّعات العملاء رأسًا على عقب. قل لهم إنَّ الذي كانوا يظنّونه أمرًا ثانويًا هو في الحقيقة جزءٌ أساسيٌّ من القصة والهوية.
  3. حافظ على البعد الإنساني والقيمي
    • رغم طرافة الحكاية، اتَّسم الجدّ بالرحمة والقلق على ليلى. كُن في رواية منتجك إنسانيًا؛ اربط الحكاية باحتياجات الناس ومشاكلهم وتطلّعاتهم. أوضِح كيف أنّك تهتمّ بهم قبل اهتمامك بزيادة المبيعات، واجعلهم يشعرون بقيمة المنتج في حياتهم.
  4. التركيز على الجانب العاطفي
    • لاحظنا تأثُّر الجدّ بفعل دفاعه عن نفسه وقتلِه غير المقصود للجدّة الشريرة، مما يجسِّد صراعًا داخليًا. في التسويق، ركّز على العواطف التي يحملها منتجك أو خدمتك؛ مثل الشعور بالأمان أو الرفاهية أو التفرد. هذه العواطف هي التي تُرسِّخ قصتك في أذهان الجمهور.
  5. وظّف عنصر المفاجأة والتشويق
    • عندما كشف الجدّ النقاب عن نفسه في ثياب الجدّة، صُدمت ليلى، وكذلك صُدمنا كقرّاءٍ من هذا التصرُّف. إذا أردت أن تُقنِع العميل بقيمة منتجك، لا تُقدّم له كلَّ شيءٍ دفعة واحدة؛ اصنع مراحل تظهر فيها ملامح مفاجئة تُبقِي الجمهور منتبهًا وفضوليًا لمعرفة الخطوة القادمة.
  6. دع القصة تتحدث عنك (ولا تتحدّث أنت فقط عن نفسك)
    • لم يُصرِّح الذئب عن “أفضليته” طوال الوقت، بل تبيَّنت نواياه وطباعه من خلال الأحداث. كذلك في عالم التسويق؛ لا تكثر من الوعود والأرقام فقط، بل روِّج لمنتجك بترك التجربة والمواقف تتحدث عن قيمته وميزاته.
  7. استثمر في سرد يتناقله الناس
    • رأينا كيف نشرت ليلى إشاعة “أن الذئب أكل جدّتها”. الخبر (والقصة) تنتشر بسرعة عندما تكون مفاجِئة وصادمة. وظِّف هذا الدرس في خلق “قصة” يمكن للعملاء مشاركتها مع أصدقائهم، بحيث يودُّون تداولها لا لشيء سوى لأنها ممتعة أو تحوي معلومةً مفيدةً أو موقفًا ملهِمًا.

الخلاصة

من هذه الحكاية العجيبة وما رافقها من أحداث غير مألوفة، يتجلَّى لنا درسٌ جوهريّ: القصة ليست مجرد حبكة خيالية؛ إنما هي أسلوبٌ احترافي في تقديم الرسالة والقيمة التي نريد لها أن تصل إلى الآخرين. وفي عالم المنافسة الشرسة، تظلُّ القدرة على الإبداع في سرد القصة التسويقية أشدّ ما يجذب الجمهور ويعلِّقهم بالمنتج أو العلامة التجارية.

فعندما تُقدِّم قصتك أو قصة منتجك بأسلوبٍ مختلف، وتُخرِج العميل من “الدور التقليدي” الذي يراه عادةً في كلّ مكان، ستجعلُه يُعيد النظر في مفاهيمه، وينجذب إليك وإلى علامتك. كما فعل المؤلف عندما خالف التوقعات وجعل الذئب رمزًا للخير والشفقة، وليلى رمزًا للشر والتخريب. وهذا بالتحديد هو السرُّ في الوصول إلى قلوب الناس وعقولهم في آنٍ معًا.

Select the fields to be shown. Others will be hidden. Drag and drop to rearrange the order.
  • Image
  • SKU
  • Rating
  • Price
  • Stock
  • Availability
  • Add to cart
  • Description
  • Content
  • Weight
  • Dimensions
  • Additional information
Click outside to hide the comparison bar
Compare