هل السوق يخلق أم يكتشف ؟

هل السوق يُخلق أم يُكتشف؟
هل السوق مكان نذهب إليه، أم فكرة تخرج منا؟
هل هو موجود في الطبيعة ننتظر أن نعثر عليه، أم هو انعكاس لرغبتنا في التفاعل والبيع والتبادل؟
هل نحن نبحث عنه… أم نخلقه؟
هذا السؤال لم يُطرح فقط من أجل الجدل، بل لأنه يكشف جوهر كل عملية تجارية وبيعية وتسويقية.
فمن يجيب عليه بدقة، يعرف من أين يبدأ مشروعه، وكيف يطوّر فكرته، ومتى يتدخل، ومتى يتراجع.
في هذا المقال، نغوص معًا في أعماق هذا السؤال، لنكتشف أن السوق ليس مجرد “مكان تُعرض فيه المنتجات”، بل هو مرآة للوعي البشري، وتجسيد لعلاقة الإنسان بالحاجة والقيمة، والرغبة والابتكار.
السوق في صورته التقليدية: الكرسي الفارغ
في البداية، تخيل السوق ككرسي فارغ في منتصف الطريق.
إنه لا ينطق، لا يتحرك، ولا يطلب شيئًا.
لكن ما إن يجلس عليه أحد، حتى يبدأ في الحياة:
يأتي من يعرض خبزًا، ومن يبحث عن طعام.
يأتي من يعرض أفكارًا، ومن يبحث عن حل.
وهنا يولد السوق: في لحظة اللقاء بين من يملك القيمة، ومن يبحث عنها.
حين يُكتشف السوق: الإنصات العميق
هناك لحظات في التاريخ، لم يكن فيها السوق واضحًا.
لم يعرف الناس أنهم بحاجة لسيارة، أو إنترنت، أو مكيف هواء.
لكن شيئًا ما كان يتحرّك تحت السطح… ألم، تعب، ضيق، حلم.
رائد الأعمال الذكي كان مثل المستكشف، يحمل خريطة ذهنية، وآذانًا صاغية.
اكتشف أن هناك من يعاني… من يحتاج… من يشتاق.
وبدلاً من أن يصرخ بصوته، جلس يستمع لصوت السوق.
وهكذا، اكتشف السوق كما يُكتشف النبع تحت الأرض.
حين يُخلق السوق: الرؤية التي لم يطلبها أحد
ثم هناك لحظات أخرى… لم يشتكِ فيها الناس، لكن البائع رأى ما لا يُرى.
رأى كيف يمكن لحياة الناس أن تكون أجمل، أذكى، أرقى.
فجاء بمنتج جديد، أو طريقة جديدة، أو إحساس جديد.
لم يطلبه أحد… لكنه ما إن عُرض، حتى شعر الناس أنهم كانوا ينتظرونه.
هنا، لا يكون السوق كُشف فقط… بل صُنِع من الخيال.
وهذا هو البيع النبيل: أن تقدّم ما لم يكن متاحًا، وتوقظ في الناس احتياجًا خامدًا.
السوق يولد مرتين
الفيلسوف الحقيقي في عالم الأعمال سيقول لك:
السوق لا يُخلق فقط، ولا يُكتشف فقط… بل يولد مرتين:
مرة في وعي الناس… ومرة في وعي البائع.
والمُعجزة تحدث حين يلتقي الوعيان.
إذا كنت بائعًا فقط، ستبحث عن حاجة موجودة.
وإذا كنت صانع سوق، ستخلق لغة جديدة للاحتياج.
أمثلة حيّة على السوق الذي يُكتشف ويُخلق
- ستيف جوبز لم ينتظر السوق ليطلب آيفون.
لكنه رأى كيف سيكون الهاتف في المستقبل، ثم صنع الرغبة. - إيلون ماسك لم ينتظر السوق ليطلب سيارات كهربائية.
لكنه أعاد تعريف ما يجب أن تكون عليه السيارة، فخلق سوقًا بالكامل. - أمازون بدأت من سوق موجود: بيع الكتب أونلاين.
ثم اكتشفت أن الناس يريدون الراحة والسرعة، فخلقت سوقًا جديدًا لكل شيء.
البائع الحقيقي: صانع السوق ومستكشفه
أنت كبائع محترف، لا يكفي أن تسأل: “من يطلب ما أقدمه؟”
بل اسأل أيضًا:
- “ما الذي لم يطلبه أحد لكنه يستحق أن يوجد؟”
- “ما الألم الذي لم يُسمع؟”
- “ما الرغبة التي لم تُترجم بعد؟”
في هذه الأسئلة، يولد السوق الذي لم يكن موجودًا أمس… لكنه سيصبح ضرورة غدًا.
تفاصيل هذا السؤال ستجده في الكتاب الجديد للكوتش عبدالرحمن زيدان الذي سيصدر قريبا .. عجائب وغرائب في الاعمال
للاستفسار عن الكتاب التواصل عبر 00962792076067