من الظلام الى النور : رحلة وقصة عبدالرحمن زيدان من عام ١٩٨٦ حتى عام ٢٠٢٥
عنوان القصة: “من الظلال إلى النور: رحلة عبدالرحمن زيدان نحو التميز”
الفصل الأول: البدايات العاصفة
في مساء شتوي بارد من ديسمبر عام 1986، أطل عبدالرحمن حسام زيدان على العالم في الكويت، تحت سماء مرصعة بالنجوم وكأنها تبشر بميلاد طفل سيحمل في قلبه شغف التغيير. كان البكر لعائلة تحمل طموحات كبيرة، لكن القدر كان يخفي له تحديات ستشكل ملامح حياته بطرق لم يتخيلها.
مع بداية التسعينيات، وبينما كان عبدالرحمن لا يزال يكتشف خطواته الأولى، اجتاحت حرب الخليج المنطقة، ودوت أصداؤها كعاصفة قلبت حياة الكثيرين. في عام 1991، اضطرت العائلة لترك الكويت، موطن الذكريات الأولى، والهروب نحو الأردن بحثًا عن الأمان. تلك الرحلة لم تكن مجرد انتقال مكاني، بل كانت بداية رحلة أخرى، أكثر عمقًا، في أعماق النفس.
في الأردن، وبين حنين الطفولة وأعباء الواقع، بدأ عبدالرحمن يشعر بثقل الحياة رغم سنواته القليلة. ثم جاء عام 1996، ليضع حياته على مفترق جديد. انفصال والديه ترك آثارًا عميقة في قلب الفتى، ندوبًا غير مرئية لكنها حاضرة في كل لحظة. لم يكن يدرك وقتها أن هذا الألم سيصبح الشرارة التي ستوقد شغفه لاحقًا.
وسط تلك العواصف، كانت الحياة تصقل شخصية طفل صغير، تصنع من حزنه قوة، ومن تجربته حكمة. دون أن يدرك، كان عبدالرحمن يخطو خطواته الأولى نحو أن يصبح رمزًا للإلهام، شخصًا سيحول الجراح إلى نور يضيء دروب الآخرين.
الفصل الثاني: الخطوات الأولى نحو الحياة العملية
في عام 1999، بينما كان أقرانه يمضون طفولتهم بين اللعب والبراءة، اختار عبدالرحمن طريقًا مختلفًا، طريقًا نُسج من التحدي والإصرار. بدأ بالغناء الديني، حيث وجد في صوته وسيلة للتعبير عن إيمانه العميق، وصوتًا يُنقله بعيدًا عن ضجيج الحياة واضطراباتها. كان الغناء بالنسبة له أكثر من مجرد كلمات تُردد؛ كان ملاذًا يعكس ما في داخله من أحلام لم تولد بعد.
لكن الحياة لم تترك له رفاهية الاكتفاء بحلمه الوحيد. كان عليه أن يكافح، أن يطرق أبوابًا لا تعرفه، ويبيع منتجات بيدٍ تحمل ارتجاف البدايات. كان يقف أمام غرباء، بقلبٍ صغير يخفق بين الخوف والأمل. ومع كل باب يُفتح أمامه، لم يكن يبيع فقط؛ كان يزرع بذور الشجاعة في روحه، بذورًا ستنمو لتصبح قوة لا تُقهر.
في تلك اللحظات المبكرة، أدرك عبدالرحمن درسًا سيحمله معه طوال حياته:
“النجاح ليس هدية تُمنح، بل ثمار تُحصد بعد جدٍ وتعليم مستمر. كل يوم هو فرصة لأتعلم شيئًا جديدًا، وكل خطوة هي حجر أساس في بناء مستقبلي.”
الفصل الثالث: شغف التعلم وبناء الذات
في عام 2004، وقف عبدالرحمن أمام مفترق طرق، عازمًا على أن يجد لنفسه مكانًا في هذا العالم الذي لا يترك فرصة إلا للأقوياء والمثابرين. بعيون ملؤها الطموح، قرر أن يبدأ رحلته الأكاديمية في عالم التسويق، المجال الذي شعر بأنه سيفتح له الأبواب نحو أحلامه. بين عامي 2004 و2010، كانت سنوات الدراسة مليئة بالتحديات، لكنها كانت أيضًا بوابة لاكتشاف ذاته وقدراته الكامنة.
لم يكتف عبدالرحمن بالمقاعد الدراسية؛ بل انطلق نحو العمل العملي، يغوص في عوالم مختلفة بحثًا عن المعرفة والتجربة. خاض غمار السياحة، باحثًا عن طرق لجذب العملاء من مختلف الثقافات. ثم انتقل إلى العقار، يتعلم أسرار التعامل مع الصفقات الكبرى وبناء العلاقات. في البرمجيات، تعرف على قوة التقنية وكيفية الاستفادة منها في عصر رقمي متسارع. في مجال الشحن، اكتشف تعقيدات التجارة الدولية، بينما أضافت المقاولات إلى خبرته بعدًا جديدًا في إدارة المشاريع والموارد.
كل وظيفة كانت أشبه بمختبر، يختبر فيها عبدالرحمن نفسه، يخطئ أحيانًا، ويتعلم دائمًا. لم تكن تلك التجارب مجرد مصادر دخل؛ بل كانت أدوات يجمعها بعناية، كمن يختار الأحجار المناسبة لبناء صرح قوي. مع كل خطوة، كان عبدالرحمن يرسم معالم طريقه، عازمًا على أن يكون يومًا ما أكثر من مجرد موظف، أن يكون قائدًا ورياديًا يحمل رؤيته الخاصة نحو النجاح.
الفصل الرابع: نقطة التحول – التجارة الإلكترونية
في عام 2014، بينما كان العالم لا يزال يتلمس خطاه في المجال الرقمي، قرر عبدالرحمن أن يسبق الجميع بخطوة. رأى في التجارة الإلكترونية نافذة إلى المستقبل، مليئة بالإمكانيات التي تنتظر من يكتشفها. كانت البداية محفوفة بالصعوبات، بين الشكوك والمخاوف، لكنه لم يدع ذلك يثنيه عن المضي قدمًا. كان يؤمن أن المستقبل الرقمي هو المفتاح، وأن المغامرة فيه رغم غموض الطريق ستفتح له أبوابًا جديدة.
على مدى ثلاث سنوات، كرس نفسه لفهم هذا العالم الجديد، متجاوزًا التحديات والعقبات. كان يستيقظ كل يوم مستعدًا لخوض معركة جديدة، يتعلم من نجاحاته الصغيرة وأخطائه الكبيرة. وبينما كانت تلك الرحلة تصقله كرائد أعمال، جاء عام 2017 ليغير حياته من زاوية أخرى تمامًا.
في ذلك العام، دخلت أميرة حياته، شريكة لم تكن مجرد زوجة، بل شريكًا حقيقيًا في الحلم والطموح. برؤيتها الداعمة وشخصيتها الملهمة، دفعت عبدالرحمن نحو عالم جديد من الإمكانيات. كانت ترى فيه أكثر من مجرد رجل أعمال؛ كانت ترى فيه قائدًا ومصدر إلهام للآخرين. شجعته على تحويل خبراته إلى رسالة، وعلى أن ينقل ما تعلمه من رحلته إلى الآخرين، ليصبح ليس فقط رجل أعمال ناجحًا، بل معلمًا يلهم الشباب للسير على خطاه.
مع أميرة بجانبه، بدأ عبدالرحمن يرى حلمه يتسع. لم يعد النجاح مجرد هدف شخصي؛ أصبح رسالة أعمق، رسالة تسعى لتمكين الآخرين وإثبات أن الطريق إلى النجاح متاح لكل من يملك الشجاعة والرؤية.
الفصل الخامس: تأسيس “eAmira” – صناعة التغيير
في عام 2019، وبعد أعوام من الجهد والمثابرة، وجد عبدالرحمن وأميرة أن الوقت قد حان لتحويل شغفهما إلى واقع أكبر. اجتمعت رؤيتهما المشتركة في فكرة تأسيس شركة تحمل اسمًا يعكس شراكتهما: “eAmira”. لم تكن الفكرة مجرد مشروع تجاري؛ بل كانت رسالة أمل تحمل بين طياتها حلمًا بتغيير حياة الشباب والشابات، وتقديم فرصة حقيقية لكل من يسعى لبناء مستقبل مختلف في العالم الرقمي.
بدأت الرحلة من غرفة صغيرة في منزلهما، تحولت إلى مركز انطلاق لعشرات الدورات التدريبية. كانت الغرفة تحمل بين جدرانها أحلامًا كبيرة، وكأنها تهمس كل يوم: “هنا يبدأ التغيير.” جلس عبدالرحمن وأميرة على طاولة بسيطة، يخططان ويعملان ليلًا ونهارًا، يصممان المواد التدريبية، ويتواصلان مع الشباب الباحثين عن فرصة.
عبدالرحمن، بقصصه وتجربته، كان أكثر من مجرد مدرب؛ كان قدوة. كان يشارك طلابه لحظات الفشل قبل النجاح، يروي كيف تجاوز التحديات، وكيف صنع من الحطام سلمًا للوصول إلى أحلامه. بصوته الملهم وكلماته الصادقة، كان دائمًا يردد:
“إذا استطعتُ أنا أن أتغير وأصنع مستقبلي، فأنت تستطيع أيضًا. الأمر ليس مستحيلًا، بل هو رحلة تحتاج فقط إلى الإصرار.”
مع مرور الوقت، كبرت شركة “eAmira” لتصبح منارة لأكثر من ألف شاب وصبية. لم تكن فقط مكانًا للتعلم؛ بل كانت مساحة لبناء الثقة والآمال. كان الطلاب يغادرون الدورات محملين بالمعرفة، والإيمان بأن المستقبل الرقمي يحمل فرصًا يمكنهم انتزاعها. بالنسبة لعبدالرحمن وأميرة، لم يكن النجاح في تحقيق الربح فقط؛ بل في كل ابتسامة شاب وجد طريقه، وفي كل قصة نجاح وُلدت من خلال جهودهم.
الفصل السادس: شراكة مع العملاق فيليب كوتلر
في عام 2023، أشرق فصل جديد في قصة عبدالرحمن، فصل يجسد ما يعنيه الطموح والإصرار. حصل على فرصة استثنائية ليكون ممثل الأب الروحي للتسويق، فيليب كوتلر، في العالم العربي، وهي فرصة لم تكن مجرد إنجاز شخصي، بل اعترافًا دوليًا بقدراته ونجاحاته.
تولى عبدالرحمن مشروعًا فريدًا من نوعه: إصدار كتاب “أساسيات التسويق الحديث”، الذي جمع قصص نجاح 33 شركة أردنية بارزة. لم يكن المشروع مجرد كتاب؛ بل كان لوحة فنية تسلط الضوء على قصص النجاح المحلية، تجمع بين الحكمة والخبرة، لتُصبح مرجعًا أكاديميًا يُدرّس في الجامعات.
بالنسبة لعبدالرحمن، كان هذا المشروع أكثر من مجرد شراكة مع شخصية عالمية؛ كان وسيلة لإيصال رسالة لطلابه ولكل من يتابعه. أراد أن يثبت أن النجاح لا يقتصر على المعرفة النظرية أو التدريب فقط، بل يكمن في الاستمرار بالممارسة والريادة.
كان يقول دائمًا:
“إذا كنت أدرّبكم على الريادة، فيجب أن أكون أول من يمارسها. التميز الحقيقي ليس في ما نقوله، بل في ما نفعله.”
هذا المشروع لم يكن مجرد نجاح آخر يضاف إلى مسيرته، بل كان حجر الزاوية الذي عزز مكانته كمدرب وقائد ريادي. بالنسبة لعبدالرحمن، كان التحدي دائمًا في تجاوز حدود المألوف، وفي تقديم نموذج عملي يُلهم الآخرين ليؤمنوا بأن السماء ليست الحد، بل البداية.
الفصل السابع: الابتكار ومنهجية “البيع كحياة”
بحلول عام 2024، وفي ذروة مسيرته المهنية، قرر عبدالرحمن أن يأخذ خطوة جديدة نحو التخصص والتميز. بعد سنوات من الخبرة والعمل المتنوع، أدرك أن الحلول التي يبحث عنها الناس لم تعد مجرد تقنيات تسويقية أو أدوات مبيعات تقليدية؛ بل حاجة إلى فهم أعمق للإنسانية، للحياة، وللتواصل. ومن هنا، أطلق على نفسه لقب “خبير الحلول الريادية”، تعبيرًا عن رؤيته التي تمزج بين الابتكار والإنسانية.
لم يكتف عبدالرحمن وأميرة بالأساليب المألوفة. استثمر كل ما تعلمه، من المبيعات إلى التسويق، ومن البرمجة اللغوية العصبية إلى الكوتشنج، ليبتكر منهجية شاملة. كانت هذه المنهجية ثورة صغيرة في عالم التدريب؛ حيث لم يعد البيع مجرد أداة تجارية، بل تحول إلى “منهج حياة”.
في صميم هذه المنهجية، كان هناك مفهوم عميق:
“البيع ليس مجرد صفقة، إنه طريقة للتواصل، للتأثير، ولتحقيق الذات.”
بدأ عبدالرحمن بتقديم هذه الرؤية من خلال جلسات تدريبية وورش عمل خاطبت الجميع، من الموظفين الذين يبحثون عن النجاح المهني، إلى الطلاب الذين يريدون بناء مستقبلهم، وحتى الأفراد الذين يسعون لتحسين علاقاتهم الشخصية. كانت كل جلسة بمثابة دعوة للناس لإعادة التفكير في كيفية تعاملهم مع الحياة، وتحويل كل لحظة إلى فرصة للتواصل والتأثير.
مع مرور الوقت، أصبحت هذه المنهجية تلمس قلوب الناس، لأنها لم تكن تتحدث عن الأرقام أو الاستراتيجيات فقط، بل عن الإنسان نفسه. كان عبدالرحمن يرى في كل متدرب قصة تستحق الاهتمام، وفي كل مشكلة فرصة لإبداع حل جديد. وهكذا، تحول من مدرب إلى قائد يلهم الآخرين ليعيشوا حياة أفضل، حيث يصبح البيع ليس مجرد وسيلة للربح، بل أداة لبناء علاقات، تحقيق الأحلام، وصناعة أثر حقيقي.
الفصل الثامن: المستقبل المفتوح
اليوم، يقف عبدالرحمن حسام زيدان بثبات، يحمل معه إرثًا من العمل الجاد والإصرار، وبجانبه شريكة حياته أميرة، التي كانت دائمًا مصدر الدعم والإلهام، وطفلهما الصغير علي، الذي يُذكره يوميًا بأن كل جهد يبذله هو لبناء مستقبل أفضل له ولأجيال قادمة.
كعائلة صغيرة تحمل أحلامًا كبيرة، ينسج عبدالرحمن وأميرة حياتهما بين الواقع والطموح، بين ضحكات علي التي تملأ المنزل وأصداء كلماته التي تلهب القاعات التدريبية. رؤيته أن البيع والتسويق ليسا مجرد أدوات لتحقيق الربح، بل وسيلتان لتحسين حياة الناس، أصبحت حقيقة ملموسة.
في كل دورة تدريبية يقودها، وفي كل جلسة مع متدرب يبحث عن التغيير، ينقل عبدالرحمن رسالته:
“الحياة فرصة مستمرة للتواصل، للتأثير، وللتحول إلى الأفضل.”
وفي كل مرة يعود إلى منزله، يجد في ضحكات طفله وفي ابتسامة زوجته وقودًا جديدًا للاستمرار.
لقد أصبح عبدالرحمن أكثر من مجرد خبير؛ أصبح قصة حيّة تلهم الآخرين بأن النجاح لا يُقاس فقط بالأرقام، بل بالأثر الذي تتركه في حياة الناس. وبين عمله وعائلته، يجد نفسه رجلًا يعيش رسالته بصدق، يسير بخطى ثابتة نحو حلمه الأكبر: أن يُلهم العالم ليعيشوا حياتهم بأفضل صورة ممكنة.
رسالة القصة:
لم تكن الحياة طريقًا معبّدًا بالورود لعبدالرحمن، بل كانت مليئة بالعواصف والتحديات التي كادت أن تُثنيه عن المضي قدمًا. ومع ذلك، في كل لحظة من الألم، كان يجد درسًا خفيًا، وفي كل انتكاسة، يرى فرصة للتعلم والنهوض من جديد.
كل نجاح صغير كان لبنة تضاف إلى بناء حلمه، وكل تحدٍّ تجاوزه كان خطوة أقرب نحو تحقيق رسالته الكبرى. لم يكن عبدالرحمن مجرد شخص يسعى لتحقيق ذاته، بل إنسان يحمل شعلة أمل لكل من يظن أن الحياة لا تمنحه فرصة.
قصته ليست مجرد حكاية نجاح؛ إنها شهادة على أن الظلال ليست نهاية الطريق، بل بداية للنور. إذا استطاع عبدالرحمن أن ينهض من بين رماد الصعوبات، وأن يبني حياة تحمل معنى وقيمة، فأنت أيضًا تستطيع. لأن النجاح لا يقتصر على الظروف، بل على الإصرار، والرؤية، والإيمان بأن الأفضل لم يأتِ بعد.