مدونة

المعضلات الكبرى | Wicked problems

ب - Copy
التسويق

المعضلات الكبرى | Wicked problems

تاليف الاب الروحي للتسويق فيليب كوتلر وتلخيص نجم التسويق عبدالرحمن زيدان

المعضلات الكبرى: كيف نواجه تحديات هذا العصر؟

ملخص وتحليل بقلم: عبدالرحمن زيدان
عن كتاب “Wicked Problems: What Can We Do in This Time of Collapse?” لفيليب كوتلر وكريستيان ساركار – 2025

في لحظة مفصلية من تاريخ البشرية، يقف العالم على حافةٍ هشّة بين الاستمرار أو الانهيار، بين الحياة التي نحلم بها، والواقع الذي نواجهه.
الاقتصاد يتقدّم، التكنولوجيا تتوسّع، لكن في المقابل، البشر يُرهقهم التفاوت، يُلاحقهم القلق، ويُحاصرهم الخوف من مستقبل يزداد غموضًا.

وسط هذا الضجيج، يقدّم المفكر العالمي فيليب كوتلر، بمشاركة كريستيان ساركار، عملًا فكريًا بالغ الجرأة تحت عنوان “Wicked Problems”، والذي يمكن ترجمته بـ “المعضلات الكبرى” بترجمة عبدالرحمن زيدان للمصطلح – وهي ليست مشكلات بسيطة تحتاج إلى حل إداري أو تقني، بل أزمات جذرية مركّبة، تُهدد بنية العالم المعاصر.

ما يميّز هذا الكتاب أنه لا يكتفي بوصف الأزمات، بل يُعيد صياغة علاقتنا بها. لا يقول لنا “ماذا نفعل؟” بل يسألنا: “من نريد أن نكون؟”.
يأخذنا كوتلر في رحلة غير مريحة، لكنه يجعلنا نواجه الحقيقة:

“العالم لا ينهار من فراغ، بل لأن أنظمته مبنية على معادلات خاطئة، وفي مقدمتها: الربح قبل الإنسان، القوة قبل العدالة، والذكاء قبل الضمير.”

المعضلات التي يطرحها لا تخصّ أمريكا، أو أوروبا، أو العالم الثالث فقط. إنها عالمية بامتياز، تبدأ من تغيّر المناخ، ولا تنتهي عند تحوّلات الذكاء الاصطناعي.

الكتاب أشبه بـ “خريطة تشخيص”، لكنه لا يعرضها للشكوى، بل ليوجه نداءً صريحًا:

إن لم نُعِد التفكير في نظمنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فسنجد أنفسنا نُقاتل من أجل البقاء على أنقاض كوكبٍ أفسدناه بأيدينا.

لماذا هذه المعضلات “شرسة”؟

مصطلح “Wicked” في هذا السياق لا يعني “شريرة” بمعناها الأخلاقي، بل يُشير إلى مشكلات:

  • يصعب تحديد تعريفها الدقيق،
  • تتداخل فيها عوامل اقتصادية، بيئية، اجتماعية، وسياسية،
  • ليس لها حل نهائي واضح، وكل محاولة لحلها قد تولّد مشكلة جديدة.

المعضلات السبع الكبرى

يركز الكتاب على سبع أزمات مركزية تُعرف باسم “The Wicked 7”، وهي كما يلي:

1. موت الطبيعة 🌍

“موت الطبيعة” ليست مجرد تعبير مجازي يستخدمه كوتلر لتزيين الخطاب البيئي، بل هو توصيف صادم لواقع علمي وبيئي بدأنا نعيشه بالفعل، وسيزداد سوءًا ما لم نغيّر مسارنا.

🔬 ماذا نقصد بـ “موت الطبيعة”؟

هي مجموعة من الظواهر الخطيرة والمتسارعة، تشمل:

  • تغير المناخ: ارتفاع درجات الحرارة، ذوبان الجليد، الكوارث الطبيعية.
  • انقراض الأنواع: فقدان التنوع البيولوجي بمعدلات غير مسبوقة (أكثر من مليون نوع مهدد بالانقراض).
  • إزالة الغابات: مثل الأمازون التي تُدمر لأغراض الزراعة والتعدين.
  • تلوّث المحيطات: من البلاستيك إلى تسربات النفط، وحتى ارتفاع حموضة المياه.
  • الزراعة الجائرة: استخدام مفرط للمبيدات والأسمدة واستنزاف التربة.
  • نفاد الموارد الطبيعية: استهلاك مفرط للماء، الوقود، والمعادن.

💰 لماذا يرى كوتلر أن السبب “اقتصادي” أكثر منه بيئي؟

لأن كوتلر يربط بين أزمة البيئة والنموذج الاقتصادي العالمي القائم على:

1. الاستهلاك كغاية

الاقتصاد العالمي مبني على فكرة أن “المزيد أفضل”، والمطلوب هو أن يستهلك الفرد أكثر ليبقى الاقتصاد في حالة نمو.

2. الطبيعة خارج الميزانية

الأنظمة المحاسبية في الشركات لا تُدرج “تكاليف البيئة” ضمن حساب الأرباح والخسائر.
بمعنى: شركة تلوث النهر لا تُحاسب على ذلك بيئيًا ولا ماليًا، بل يُحسب لها فقط كم ربحت.

3. منطق السوق أهم من منطق البقاء

في ظل هيمنة الشركات العملاقة، يتم استغلال الطبيعة كـ”مورد قابل للاستنزاف”، وليس كمنظومة حياة تحتاج إلى حماية.


🧠 ما الذي يجعل هذه المشكلة “شريرة” (Wicked)؟

  • ليس لها حل تقني واحد سحري.
  • كل محاولة لحلها (مثلاً تقليل إنتاج النفط) تصطدم بمصالح سياسية أو اقتصادية.
  • تتشابك مع مشكلات أخرى مثل الفقر والهجرة والصراعات.
  • تتطلب تغييرًا جذريًا في سلوك الأفراد، سياسات الدول، وأولويات الأسواق.

🌍 لماذا يُعد هذا أخطر تهديد نواجهه؟

لأن موت الطبيعة يعني ببساطة: اختلال التوازن الذي يسمح بوجود الإنسان.

عندما تنهار التربة، وتُسمم المياه، وتُفقد الملقحات (مثل النحل)، وتختفي الغابات، تصبح الحياة غير قابلة للاستمرار حتى لو وُجد المال، والذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا.


🧭 ما الذي يدعو إليه كوتلر؟

  • تبنّي نموذج اقتصادي جديد يُراعي الكوكب كجزء من معادلة النجاح.
  • فرض ضرائب بيئية على الشركات التي تُسهم في التلوث والانبعاثات.
  • إعادة تعريف النجاح الاقتصادي ليشمل جودة الحياة، وليس فقط الناتج القومي.
  • التعليم البيئي كمكون أساسي في كل مستويات التعليم.
  • تمكين المجتمعات من بناء اقتصاد محلي مستدام.

2. اللامساواة 🏦

ا💰 2. اللامساواة – حين يتحول الفرق في الفرص إلى فجوة في المصير

📌 ماذا تعني اللامساواة؟

اللامساواة ليست فقط الفرق في الدخل بين الأغنياء والفقراء، بل هي منظومة مركبة من التفاوت في:

  • الثروة (ملكية الأصول)
  • الفرص (التعليم، الوظائف، الصحة)
  • السلطة (التأثير السياسي والاجتماعي)
  • الكرامة (الاعتراف، الإنصاف، التمثيل)

يقول كوتلر إن اللامساواة ليست عرضًا جانبيًا للنظام الرأسمالي، بل نتيجة حتمية له حين يُترك دون ضوابط.


🧠 لماذا تُعد هذه المعضلة “شريرة” (Wicked)؟

  1. لأنها ذاتية التعزيز:
    كلما زادت ثروة الأغنياء، زاد نفوذهم السياسي والاقتصادي، فاستغلوا هذا النفوذ لتعزيز مصالحهم، مما يوسع الفجوة أكثر.
  2. لأنها خفية أحيانًا:
    قد تعيش مجتمعات تعتقد أنها “عادلة” بينما تخفي في داخلها تمييزًا هيكليًا ضد النساء، أو الأقليات، أو ذوي الإعاقة.
  3. لأنها مرتبطة بباقي المعضلات:
    اللامساواة في الدخل تؤدي إلى:
  • ضعف في الرعاية الصحية ➝ أزمة في “الصحة وسبل العيش”
  • شعور بالظلم ➝ يغذي “الكراهية والصراعات”
  • تهميش جماعي ➝ يؤدي إلى “الهجرة القسرية”
  • استغلال للعمل ➝ ينعكس في “العمل والتكنولوجيا”

🔍 أنواع اللامساواة حسب كوتلر:

1. اللامساواة في الدخل

بين من يكسب ملايين الدولارات سنويًا ومن لا يجد قوت يومه.

2. اللامساواة في الثروة

نسبة صغيرة جدًا من البشر تملك أصولًا تفوق ما تملكه نصف البشرية مجتمعة (حسب تقارير Oxfam).

3. اللامساواة الموروثة

الأغنياء لا يورثون المال فقط، بل أيضًا: الفرص، التعليم، العلاقات، النفوذ.

4. اللامساواة بين الجنسين

نساء كثيرات يعملن أكثر ويتقاضين أقل، ويتعرضن لتهميش في مواقع القيادة.

5. اللامساواة العرقية والإثنية

تمييز منظم ومستمر ضد مجموعات معينة، يظهر في السجون، المدارس، وسوق العمل.


📊 أرقام صادمة تعكس عمق المشكلة:

  • 1% من سكان العالم يملكون أكثر من 50% من ثرواته.
  • 700 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر المدقع (أقل من 2 دولار يوميًا).
  • فجوة الأجور بين المدير التنفيذي وعامل المصنع في بعض الشركات تتجاوز 1:300.
  • في بعض البلدان، 10% من السكان يستفيدون من 90% من الدعم الحكومي والخدمات.

🧭 رؤية كوتلر: ما العمل؟

كوتلر لا يُدين الثروة بحد ذاتها، بل طريقة تراكمها واستثمارها وتوزيعها. وهو يقترح:

  1. ضرائب تصاعدية على الثروات الكبيرة والميراث
  2. برامج تعليم وصحة مجانية للفئات الفقيرة
  3. دعم ريادة الأعمال المجتمعية
  4. تشجيع الاقتصاد التعاوني (sharing economy)
  5. تمكين النساء والمهمشين من الوصول لمراكز القرار

🎯 لماذا يجب أن نهتم باللامساواة؟

  • لأنها تهدد استقرار المجتمعات: الفقر المدقع والغنى الفاحش في نفس البلد ينتج قنابل اجتماعية.
  • لأنها تُضعف الاقتصاد نفسه: عندما لا يستطيع ملايين الناس أن يتعلموا أو يستهلكوا، يقل الطلب، ويتباطأ النمو.
  • لأنها تسلب الإنسان من كرامته: أن يولد شخص فقير لا يعني أن يُحكم عليه بالفشل الأبدي.

🧩 كيف ترتبط بالمعضلات الأخرى؟

تحرمهم من الخدمات الأساسية (الصحة وسبل العيش)

الفقراء أكثر عرضة للتضرر من تغيّر المناخ (موت الطبيعة)

اللامساواة تغذي التطرّف والكراهية (الكراهية والصراعات)

تدفع الناس للهروب من بلدانهم (السكان والهجرة)

تُستغلهم الأنظمة السلطوية (السلطة والفساد)

3. الكراهية والصراعات 🔥

ما المقصود بهذه المعضلة؟

في كتاب Wicked Problems، يصف كوتلر وساركار الكراهية والصراعات بأنها من أكثر المعضلات تفجّرًا وتهديدًا للسلم الاجتماعي، خصوصًا عندما تتحول الكراهية إلى سياسة، والصراعات إلى تجارة.

هذه المعضلة لا تتعلق فقط بالحروب أو العنف المسلح، بل تشمل:

  • خطاب الكراهية على وسائل الإعلام والمنصات الرقمية
  • التطرّف الديني أو القومي أو العرقي
  • انتشار الأيديولوجيات الإقصائية
  • انهيار الثقة بين المجتمعات أو داخل المجتمع الواحد

💣 لماذا هذه المعضلة “شريرة” (Wicked) بطبيعتها؟

لأنها ليست فقط معقّدة، بل:

  • ذاتية التغذية: الكراهية تولّد الخوف، والخوف يولّد المزيد من الكراهية.
  • مبنية على سرديات: الصراع ليس دائمًا بسبب الفقر أو الموارد، بل بسبب أفكار يتم تضخيمها وتوجيهها.
  • تحميها مصالح سياسية: هناك أنظمة ومجموعات تستفيد من استمرار الانقسام، لأنها تُحكم من خلاله.

💬 كيف تُصنَّع الكراهية في عصرنا؟

  1. الإعلام المستقطب
    قنوات ومواقع تغذي مشاعر العداء، وتشحن المتابعين ضد فئة معينة (دين، جنس، عرق، طبقة، توجه سياسي).
  2. وسائل التواصل الاجتماعي
    الخوارزميات تُظهر لك ما يزيد من بقائك على المنصة، حتى لو كان ذلك يعني تعزيز الكراهية والانقسام.
  3. التعليم الموجّه أو الغائب
    غياب التربية على قبول الآخر، أو تعليم التاريخ من وجهة نظر واحدة، يؤدي إلى رفض الآخر تلقائيًا.
  4. استثمار سياسي في الانقسام
    بعض القادة يربحون الانتخابات من خلال تخويف الناس من “الآخرين” وتصويرهم كخطر يهدد القيم والأمن.

🔍 أمثلة على تجلّيات هذه المعضلة:

  • الكراهية الطائفية في مناطق مثل العراق، لبنان، اليمن.
  • التطرف الديني سواء إسلامي، مسيحي، أو يهودي.
  • تفوق العِرق الأبيض في أمريكا وأوروبا.
  • الكراهية ضد المهاجرين في أوروبا.
  • التنمر الرقمي وخطاب الكراهية الإلكتروني.
  • العنف ضد المرأة والمثليين وأصحاب الإعاقة.

🔫 من الكراهية إلى الصراع

عندما لا تتم مواجهة الكراهية، تنتقل الأمور من الكلام إلى الفعل:

  • جرائم الكراهية (Hate Crimes)
  • الهجمات الإرهابية
  • الحروب الأهلية
  • الميليشيات القبلية أو الدينية
  • الاغتيالات، الانقلابات، أو الانقسامات السياسية الحادة

وهنا يتحول المجتمع إلى ساحة حرب باردة أو مشتعلة.


🧩 كيف ترتبط هذه المعضلة بالمشكلات الأخرى؟

  • الفقر والتهميش يولّدان الكراهية ➝ (مرتبطة باللامساواة)
  • البيئة المشحونة تؤدي إلى الهجرة القسرية ➝ (مرتبطة بالسكان والهجرة)
  • الأنظمة الفاسدة توظف الكراهية لتُبقي الناس منقسمين ➝ (مرتبطة بالسلطة والفساد)
  • الكراهية تمنع التعاون في مواجهة أزمات مثل تغير المناخ ➝ (مرتبطة بموت الطبيعة)

🧭 ماذا يقترح كوتلر لحل هذه المعضلة؟

كوتلر لا يقدّم حلًا تقنيًا، بل يدعو إلى:

تمكين القيادات المجتمعية المعتدلة التي تبني جسورًا لا جدرانًا.

إعادة بناء السردية الجمعية على أساس القيم الإنسانية المشتركة.

تعزيز التربية الأخلاقية والوجدانية منذ الطفولة.

دعم الإعلام المسؤول ومكافحة المنصات التي تنشر خطاب الكراهية.

تعزيز الحوار بين الثقافات والأديان بدل العزلة والانغلاق.

وضع قوانين صارمة ضد جرائم الكراهية وخطاب التمييز العنصري والطائفي.

4. السلطة والفساد 🕴️

تُسجوهر المعضلة

في هذا الفصل من الكتاب، يُبرز فيليب كوتلر وكريستيان ساركار مشكلة السلطة عندما تُستخدم لحماية الامتيازات بدلًا من خدمة الصالح العام.
ويؤكدان أن الفساد ليس مجرد سلوك شاذ، بل في كثير من الأحيان ناتج طبيعي لنظام صُمم ليخدم فئة صغيرة على حساب باقي المجتمع.


💣 لماذا تُعتبر السلطة والفساد من “المشكلات الشريرة” (Wicked Problems)؟

  1. لأنها مغطاة بالقانون أحيانًا
    الفساد لا يكون دائمًا عبر رشوة أو خرق مباشر للقانون، بل قد يحدث عبر تشريعات يُقرّها مسؤولون يخدمون بها مصالحهم ومصالح مموليهم.
  2. لأنها محمية بالنفوذ
    غالبًا من يملك السلطة، يملك أدوات منع كشف فساده: قضاء تابع، إعلام موجّه، رقابة شكلية.
  3. لأنها تضعف الثقة
    حين يرى الناس أن القانون لا يُطبق بعدالة، وأن المسؤول ينجو مهما فعل، تنهار ثقة المواطن في الدولة، ويبدأ في البحث عن طرق “غير رسمية” لحل مشاكله.
  4. لأنها تُعيد إنتاج نفسها
    الأنظمة الفاسدة تفرز طبقات جديدة تحمي الفساد وتطوره عبر شبكات من المصالح المتبادلة.

🧱 أنواع الفساد التي يناقشها كوتلر:

🔸 الفساد السياسي

  • تمويل الحملات الانتخابية من قبل الشركات الكبرى
  • تشريعات مفصّلة على مقاس اللوبيات
  • تلاعب في نتائج الانتخابات أو قوانين الترشح

🔸 الفساد الإداري

  • الرشوة في التعيينات أو العقود الحكومية
  • المحسوبية والواسطة في الوظائف
  • التهرب الضريبي المقنن

🔸 الفساد المؤسسي

  • هيمنة الشركات على القرارات السيادية (corporate capture)
  • علاقات غير نزيهة بين الإعلام وصنّاع القرار
  • صفقات مشبوهة في قطاع الصحة، التعليم، الدفاع

🌍 أمثلة حيّة من العالم:

  • بيع الأراضي العامة لشركات خاصة بثمن بخس
  • منح عقود حكومية لشركات تابعة للمسؤولين
  • تمرير قوانين تمنح إعفاءات ضريبية ضخمة للأثرياء
  • تعيين قضاة أو مدراء على أساس الولاء لا الكفاءة
  • قمع التحقيقات الصحفية أو القضائية التي تكشف الفساد

🧩 ارتباطها بباقي المعضلات:

  • الفساد يُعزز اللامساواة، لأن الثروات تتركز في يد من يملكون السلطة.
  • يعيق حلّ أزمة البيئة لأن اللوبيات النفطية تُحبط أي تشريع بيئي.
  • يُغذّي الكراهية والانقسام لأن الشعب يفقد الثقة بالنظام، فيلجأ إلى الطائفية أو التطرف.
  • يضعف الخدمات الصحية والتعليمية لأن الأموال تُهدر بدل أن تُستثمر.
  • يُعيق الاستثمار في التكنولوجيا المفيدة لأن القرار يُوجه حسب المصالح لا الابتكار.

🧭 كيف نقاوم هذه المعضلة؟ ما الذي يقترحه كوتلر؟

كوتلر لا يطرح فقط محاربة الفساد كـ”حملة إعلامية”، بل يدعو إلى إعادة هيكلة السلطة بطرق عميقة، مثل:

  1. استقلال القضاء الفعلي
  2. شفافية كاملة للتمويل السياسي
  3. مشاركة المواطنين في الرقابة عبر أدوات تقنية ومؤسساتية
  4. حماية الصحفيين والمبلغين عن الفساد
  5. إصلاح نظام الضرائب ليمنع التهرب والثغرات
  6. تعزيز التعليم السياسي والاقتصادي للشباب
  7. فصل المصالح التجارية عن المناصب السياسية بصرامة

🔁 هل المشكلة قابلة للحل؟

كوتلر يعترف أن محاربة الفساد ليست سهلة، لأن من يستفيد منه هو من يملك أدوات الحماية.
لكن يشير إلى نماذج ناجحة (مثل الدول الاسكندنافية، وسنغافورة) حيث استطاع المواطنون، عبر شراكة طويلة الأمد، بناء أنظمة قائمة على الشفافية والمحاسبة.

5. العمل والتكنولوجيا 🤖

الما المشكلة هنا؟

في قلب هذه المعضلة، يُسلّط كوتلر الضوء على علاقة معقّدة ومتوترة بين التكنولوجيا الحديثة (خاصة الذكاء الاصطناعي، الأتمتة، الروبوتات) وبين مستقبل العمل البشري.

ما يُفترض أن يكون تقدمًا تقنيًا يفيد البشرية، أصبح – في ظل النظام الاقتصادي القائم – وسيلة لتقليص الوظائف، وزيادة سيطرة الشركات الكبرى، وتضخيم اللامساواة.


📌 ملامح هذه المعضلة:

1. الأتمتة تحل محل الإنسان

  • الروبوتات تُستخدم في المصانع بدلًا من العمال.
  • أنظمة الذكاء الاصطناعي تُستبدل بالمحاسبين، الكتّاب، المترجمين، وحتى الأطباء.
  • الوظائف “المتكررة” يتم التخلص منها بوتيرة متسارعة.

2. وظائف جديدة تظهر… لكن لفئة محدودة

  • الوظائف الجديدة تتطلب مهارات عالية جدًا (برمجة، تحليل بيانات، هندسة خوارزميات).
  • الغالبية لا تملك الوقت أو المال أو البيئة للتأقلم مع هذه المتطلبات.

3. غياب الحماية الاجتماعية

  • كثير من العمال في الاقتصاد الرقمي يعملون بشكل مستقل (freelance/gig economy) دون عقود، تأمين صحي، تقاعد، أو ضمان حقوق.

📉 كيف يتأثر الناس؟

  • الشاب الذي يعمل في توصيل الطلبات لا يعرف إن كان سيُطرد غدًا بسبب تطبيق جديد أسرع.
  • الموظف في مصنع قد يُستبدل بذراع روبوت.
  • المدرّس قد يُستبدل بمنصة تعليمية.
  • الطبيب قد يُقارن بدقة “تشخيص آلي”.
  • حتى الفنانون مهددون ببرامج الذكاء الصناعي التي تُبدع موسيقى ولوحات ونصوص.

💥 لماذا يُصنّف كوتلر هذه المعضلة بأنها “شريرة” (Wicked)?

  1. لأنها تتسارع دون توقف
    كلما تطورت التقنية، زادت سرعة التحول، وتقلّصت الفرص أمام الناس للحاق بها.
  2. لأنها مركبة
    ليست فقط مشكلة وظائف، بل تتعلق بالتعليم، المهارات، السياسات، العدالة.
  3. لأنها تولّد فجوات اجتماعية جديدة
    “نخبة رقمية” صغيرة تتحكم بالعالم الرقمي وتحقق أرباحًا ضخمة، بينما ملايين البشر ينجون يومًا بيوم.

🌐 أمثلة على أثر المعضلة:

  • منصة مثل Amazon تستخدم روبوتات في المخازن بدل عمال بشريين.
  • برامج مثل ChatGPT تهدد وظائف الكتابة والتحرير والتعليم التقليدي.
  • تطبيقات مثل Uber تمنح وظائف مؤقتة، بلا ضمانات، لملايين السائقين حول العالم.
  • شركات تستغني عن الموظفين لتوظيف خوارزميات تدير العمليات بكفاءة أعلى.

🧩 علاقتها بالمشكلات الأخرى:

  • اللامساواة تزداد لأن من لا يملك مهارات التقنية يُقصى من سوق العمل.
  • الصحة العقلية تتدهور بسبب فقدان الأمن الوظيفي والانتماء.
  • الهجرة تتزايد عندما تُغلق فرص العمل في بلد وتفتح في آخر.
  • الفساد يزدهر حين تكون القوانين ضعيفة ولا تراقب هذه التحولات.

🧭 ماذا يقترح كوتلر للتعامل مع هذه المعضلة؟

استثمار الدولة في البنية التحتية الرقمية العادلة، وعدم تركها بيد الشركات فقط.

تبنّي مبدأ “التكنولوجيا من أجل الإنسان”، لا “الربح أولًا”.

إعادة تصميم أنظمة التعليم لتواكب المهارات المطلوبة.

فرض ضرائب على الشركات التي تُقلّص الوظائف دون بدائل.

توفير دخل أساسي عالمي (Universal Basic Income) للمتضررين.

تعزيز قوانين حماية العمال المستقلين والرقميين.

6. الصحة وسبل العيش 🏥

ما جوهر هذه المعضلة؟

كوتلر وساركار في هذا الفصل يتناولان “الصحة” ليس فقط من منظور طبي، بل كجزء متكامل من حياة الإنسان، يتشابك مع القدرة على العيش بكرامة، والعمل بسلام، والحصول على الغذاء والسكن والتعليم.

الصحة ليست حالة جسدية فقط، بل هي نتيجة شبكة من العوامل الاقتصادية والاجتماعية.


🔍 كيف تتجلّى هذه المعضلة؟

1. نظام صحي غير عادل

  • في دول كثيرة، يُعتبر العلاج امتيازًا لا حقًا.
  • من لا يملك التأمين الصحي لا يملك فرصة للنجاة.
  • شركات الأدوية تضع أسعارًا خيالية للأدوية المنقذة للحياة.

2. صحة نفسية منهارة

  • القلق، الاكتئاب، العزلة، الانتحار في ازدياد عالمي.
  • الناس يعملون أكثر، لكن يشعرون بأنهم أقل قيمة.
  • بيئات العمل باتت غير إنسانية: ضغط، رقابة، منافسة مفرطة.

3. سبل العيش في خطر

  • ملايين الأشخاص في “العمل غير الرسمي” بلا أمان وظيفي أو اجتماعي.
  • الجائحة كشفت هشاشة حياة الناس: بمجرد توقف العمل، يتوقف الدخل.

4. الغذاء الرديء والصحة المريضة

  • الوجبات السريعة والمصنّعة هي الأرخص، والأكثر ضررًا.
  • أمراض مثل السكري، السمنة، أمراض القلب تُصيب الفقراء أكثر من الأغنياء.

🧠 لماذا يُعد هذا تحديًا “شريرًا” (Wicked)؟

  1. لأنه متشابك ومترابط
    لا يمكن فصل الصحة عن التعليم، أو السكن، أو نوع العمل. أي خلل في أحدهم يؤثر على الباقي.
  2. لأنه غير مرئي أحيانًا
    المرض النفسي، سوء التغذية، الضغط المزمن… كلها أمراض لا تُرى فورًا ولكنها تُفتك ببطء.
  3. لأنه يُعالج بشكل مجتزأ
    الحكومات كثيرًا ما تضع حلولًا ترقيعية – تعالج الأعراض، لا الأسباب.

🌍 أمثلة حية من العالم:

  • في أمريكا: شخص يصاب بكورونا، يتعافى، لكنه يخرج بفاتورة علاج تُغرقه في الديون.
  • في الهند: مئات الملايين يعملون بلا أي تغطية تأمينية، ولا يملكون مدخرات إذا مرضوا.
  • في الدول العربية: ملايين العاطلين يعجزون عن توفير الدواء أو متابعة الحالة الصحية لأسرهم.

🧩 ارتباطها بباقي المعضلات:

  • الفساد يُحوّل ميزانيات الصحة إلى صفقات.
  • اللامساواة تعني أن الفقير لا يُعالج، بينما الغني يختار طبيبه.
  • العمل والتكنولوجيا قد تؤدي إلى الضغط النفسي، العزلة، أو فقدان مصدر العيش.
  • موت الطبيعة (تلوث الهواء والماء والغذاء) يُولد أمراضًا جديدة وخطيرة.

🧭 رؤية كوتلر للحل:

  1. الصحة كحق إنساني، لا كخدمة مدفوعة.
  2. أنظمة رعاية صحية شاملة للجميع، وليس فقط لمن يستطيع الدفع.
  3. الاستثمار في الصحة النفسية على قدم المساواة مع الصحة الجسدية.
  4. إصلاح بيئة العمل: تقليل الضغط، دعم التوازن بين الحياة والعمل، الأجور العادلة.
  5. دعم صغار المزارعين والتغذية الصحية بدلًا من دعم الأغذية الفارغة والرخيصة.
  6. تحويل المدن إلى أماكن صديقة للحياة، وليست فقط للإنتاج أو الاستهلاك.

💡 لماذا تُعد هذه المعضلة محورية؟

لأنها تمسّ “الأساس الوجودي” للإنسان: أن يكون بصحة جيدة، وأن يملك الحد الأدنى من الأمان في معيشته.
من دون صحة وسبل عيش، لا يمكن الحديث عن تعليم، ولا عن إنتاج، ولا عن استقرار.

7. السكان والهجرة 🌍

تغير المناخ، الحروب، والفقر أجبرت الملايين على الهجرة.
ما جوهر هذه المعضلة؟

في هذا الفصل، يُبرز كوتلر وساركار واحدة من أكثر الأزمات حساسية وتعقيدًا، وهي:
تزايد عدد السكان في مناطق غير مستعدة لاستيعابهم، مقابل هجرة جماعية لملايين البشر من مناطقهم الأصلية لأسباب تتراوح بين الفقر، الحرب، التغيّر المناخي، والاضطهاد.

الهجرة لم تعد مسألة حدود، بل مسألة بقاء.


🔍 أوجه المعضلة:

1. الضغط السكاني

  • في بعض الدول، عدد السكان يتضاعف كل 20–30 سنة، بينما الموارد (الماء، الغذاء، التعليم، الوظائف) لا تواكب.
  • الانفجار السكاني يُربك خطط التنمية ويُرهق البنية التحتية.

2. الهجرة القسرية

  • أكثر من 110 مليون نازح ولاجئ في العالم اليوم (بحسب تقارير 2024).
  • الأسباب: الحروب، التغير المناخي (فيضانات، جفاف، ارتفاع البحار)، الكوارث الاقتصادية.

3. رفض الدول المستقبِلة

  • كثير من دول الشمال تضع حواجز قانونية، مادية، وثقافية لمنع دخول المهاجرين.
  • تصاعد اليمين المتطرف في أوروبا وأمريكا يعزز سياسات “الطرد”، بدل الإدماج.

4. العنصرية البنيوية

  • حتى من يُسمح له بالوصول، يُعامل كمواطن درجة ثانية.
  • يحصل على فرص أقل، ويتعرض للتمييز في العمل والسكن والتعليم.

💣 لماذا تُعد هذه معضلة “شريرة” (Wicked)؟

  1. لأنها عابرة للحدود
    لا يمكن لدولة واحدة أن تحل أزمة الهجرة وحدها. الأمر يحتاج إلى تعاون دولي عميق.
  2. لأنها متشابكة
    تداخل بين مشكلات المناخ، الحروب، الاقتصاد، الفقر، وحتى التكنولوجيا.
  3. لأنها تُغذي الكراهية والانقسام
    يُستخدم المهاجرون في الخطاب السياسي كفزّاعة لتبرير الانغلاق والعنصرية.
  4. لأنها تُهدد السلم الاجتماعي
    في بعض الدول، التوتر بين “السكّان الأصليين” والمهاجرين بات ينفجر على شكل عنف.

🌐 أمثلة معاصرة:

  • سوريا: أكثر من 6 ملايين لاجئ خلال العقد الماضي.
  • أفريقيا الوسطى: النزوح بسبب المجاعة والصراعات العرقية.
  • بنغلادش: هجرة قسرية بسبب الفيضانات المتكررة وارتفاع منسوب البحر.
  • فنزويلا: هجرة جماعية نتيجة الانهيار الاقتصادي والسياسي.
  • الهجرة نحو أوروبا عبر البحر المتوسط: آلاف يلقون حتفهم سنويًا في قوارب غير صالحة.

🧩 علاقتها بالمشكلات الأخرى:

  • الفساد والأنظمة الفاشلة تخلق بيئات طاردة.
  • تغير المناخ يدفع الناس من أراضيهم بسبب الجفاف أو الكوارث.
  • اللامساواة تمنع الناس من الوصول إلى فرص كريمة في أوطانهم.
  • الصراعات والكراهية تجعل البقاء مستحيلًا في بعض الدول.

الخلاصة

Wicked Problems ليس كتابًا متشائمًا، بل هو أجراس إنذار بيد عالِم يعرف جيدًا كيف يقرأ الاتجاهات.
هو ليس وصفًا للكارثة، بل دعوة لتبنّي منظور إنساني شامل، يُقدّم الإنسان والطبيعة على الاقتصاد والسيطرة.

إنه كتاب يُخاطب قادة التغيير، لا المتفرجين.

“المعضلات الكبرى” هو أكثر من مجرد كتاب؛ هو بيان تحذيري لعالم يقف على حافة الانهيار، ودعوة لبناء عالم أكثر توازنًا، إنسانية، ومرونة.

فهم هذه التحديات ليس رفاهية فكرية، بل ضرورة وجودية. وكوتلر يُذكّرنا أن التسويق لم يعد مجرد بيع منتجات، بل أصبح أداة لفهم الإنسان، والبيئة، والاقتصاد — ووسيلة لتصميم مستقبل قابل للحياة.

يمكنك الان وبكل قوة ان تكون موجود معنا في الدورات الاحترافية في التسويق والبيع

eAmira Academy

Select the fields to be shown. Others will be hidden. Drag and drop to rearrange the order.
  • Image
  • SKU
  • Rating
  • Price
  • Stock
  • Availability
  • Add to cart
  • Description
  • Content
  • Weight
  • Dimensions
  • Additional information
Click outside to hide the comparison bar
Compare